هزمتنا إسرائيل في جميع الميادين - بقلم: أحمد الصرّاف
نظريًا، للعرب عدو واحد في المنطقة، ولكننا خلقنا اخيرًا أعداء آخرين، كإيران. وزاد البعض على ذلك بزيادة كراهيته لإيران، مقابل قبوله أكثر لإسرائيل، التي أصبحت أقرب للصديق منها للعدو.
اختلافنا مع إيران ليس تاريخيًا، كاختلافنا مع إسرائيل، كما أنه كان تاريخيا اختلافا متقلبا من فترة لأخرى ومن دولة عربية لأخرى ومن تصرف لآخر، وغالبا ما يكون منبع كل اختلاف هو جهل كل طرف بظروف وطبيعة الطرف الآخر، ولو أني أميل للاعتقاد أن إيران تعرف عن ال ـ22 دولة عربية أكثر مما تعرفه هذه الدول، مجتمعة، عنها.
لقد درست في مدارس الكويت، التي كانت مناهجها في ايامي، الأكثر تطورا وانفتاحا على الآخر، ومع هذا لا أذكر أنني قرأت سطرا واحدا، قريبا من الإيجابية، في حقها، لا في الجغرافيا ولا المناخ ولا القوة ولا الضعف ولا التاريخ. وبالتالي كان من الطبيعي أن نشير بسلبية ما اتجاهها، دون سبب معروف.
أما إسرائيل، فالكثيرون ينظرون اليها كعدو سياسي ديني، وليس كخطر حضاري، وهذا خطأ فادح. فعلى الرغم من أن الصراع معها لم يتوقف يوما، فإننا بقينا على جهلنا بكل ما تمثله، وبقينا لسبعين عاما، ولا نزال، لا نعرف عنها شيئا، ولم نتعلم منها شيئا..
لقد هزمتنا إسرائيل في جميع الميادين، العسكرية والعلمية والحضارية، ومع هذا رفضنا معرفة سبب تفوقها الواضح علينا، ولكن وصفنا لها بالكيان المسخ لم يتوقف يوما، فما بالك لو كانت كيانا كاملا.
التزمت إسرائيل منذ يوم تأسيسها بالديموقراطية، ولا نزال نرفض حتى مجرّد الحديث عنها، دع عنك اتباعها. سمحت إسرائيل لشعبها بتكوين ما يريدون من أحزاب، ولا نزال نلعن أنظمتها. أعطت إسرائيل الأقليات من مواطنيها حقوقا لا يحلم بها حتى غالبية مواطني غالبية الدول العربية. كما أن الحريات الدينية فيها تزيد عنها في أي دولة عربية، أو إسلامية أخرى.
اهتمت إسرائيل بالعلوم، وصرفت الكثير على الأبحاث، ولا نزال منشغلين بصحة فوائد شرب أو التداوي ببول البعير..
نجحت إسرائيل في صهر الذين هاجروا لها من 50 دولة، وخلقت منهم شعبا واحدا، وفشلنا في خلق جيش من شعب تضرب جذوره في عمق التاريخ.
عرفت إسرائيل النظام والطابور منذ اليوم الأول، ولا نزال نحاول معرفة معنى الكلمتين.
سجن اثنان من رؤساء وزارتها بتهم الفساد، ولا نزال نبحث في كيفية ادانه السراق الكبار منا .طوّرت إسرائيل تقنياتها، ودخلت مجالات التطوير الزراعي والصناعي والحربي، واصبحت دولة متقدمة يحسب حسابها، واصبحنا في مؤخرة الركب في كل ميدان.
نجحت إسرائيل في إدراج شركاتها في البورصات العالمية، ونحن نفكر ببيع اصولنا، بعد أن قاربنا الافلاس.
طويلة هي القائمة.. والآلام معها تطول.
* نشر في صحيفة القبس الكويتية 1-2-2016