أكدت مصادر مطلعة لوكالة الصحافة الفلسطينية (صفا)، يوم الجمعة، عقد اجتماع أمني عالي المستوى في مكتب الرئيس محمود عباس بمدينة رام الله الليلة الماضية؛ لمناقشة المخاوف من تدويل قضية اغتيال الأجهزة الأمنية المعارض السياسي نزار بنات في الخليل جنوبي الضفة الغربية المحتلة.
وأوضحت المصادر أن الاجتماع ناقش “سيناريوهات مخيفة” للسلطة؛ أبرزها تدويل قضية التحقيق في اغتيال بنات، ولاسيما إذا ذهبت مؤسسات حقوقية وعائلته إلى استثمار التصريحات الدولية الناقدة لمقتله في متابعة القضية في محاكم أوروبية أو لدى جهات حقوقية دولية، أو الضغط على الدول المانحة لتقييد التمويل للسلطة لحين تحسين سجلها في حقوق الإنسان.
وبيّنت أن الاجتماع كان “مرتبكًا” خلال مناقشة السيناريوهات المطروحة وطرق التعامل معها، في ظل رسائل وجهتها جهات محلية وأخرى دولية، ولاسيما أوروبية، للسلطة تطالب بإجراء تحقيق شفاف ومحاسبة منفذي الجريمة.
وأشارت المصادر المُطّلعة إلى أن التصريحات الدولية الناقدة لاغتيال بنات كانت مفاجئة للسلطة، إذ لم تتوقع أن تأخذ القضية هذا الصدى على المستوى الدولي.
وذكرت أن “الرئاسة باتت بعد إلغاء الانتخابات الأخيرة في موقف دولي لا تحسد عليه، وبالتالي فإن موقفها هش من كل القضايا؛ فكيف بقضية من العيار الثقيل كقضية بنات”.
ولفتت المصادر إلى أن الاجتماع ناقش أيضًا دلالات وتداعيات تصريحات رئيس الوزراء السابق سلام فياض حول اغتيال بنات.
وقالت إن: “السلطة اعتادت على التصريحات النقدية من التنظيمات والشخصيات المعارضة، ولكنها المرة الأولى التي يقدم فيها شخص كسلام فياض على الحديث بهذه الطريقة على السلطة والمؤسسة الأمنية”.
وتضيف المصادر “فياض شخصية دولية مرموقة، ولا يتحدث اعتباطًا، وبالتالي فإن تصريحاته تشير إلى ضرورة حدوث تغيير ما في هيكلية السلطة، وهي الرسالة التي استنفر لأجلها مكتب الرئيس”.
وأشارت إلى أن “فياض ما زال يُعد شخصًا ذو صفة مهمة، ولديه مرافقة أمنية وحرس شخصي منذ تركه موقعه كرئيس للوزراء؛ ما يعني أنه من داخل البيت رغم كل الخلافات السابقة”.
وكان فياض عقّب على اغتيال بنات بقوله إن: “نزار بنات قضى شهيدًا دون رأيه وحق الناس في ممارسة هذا الحق”.
وأضاف عبر حسابه على “فيسبوك”، “سيقال فيما يقال سنحاسب الفاعلين. كفى استهتاراً بحياة الناس واستخفافاً بعقولهم”.
وشدد فياض على أن “المطلوب تغيير النهج، وبدون ذلك ستتكرر المأساة على أيدي فاعلين جدد”.
ولاقت جريمة الاغتيال استنكارًا واسعًا من مكونات شعبنا كافة، فيما أعربت الأمم المتحدة عن صدمتها، داعية لإجراء تحقيق شفاف في ملابسات عملية القتل.
ودانت عدة جهات دولية ومؤسسات أممية الجريمة التي ارتُكبت بحق المرشح في الانتخابات المُعطلة للمجلس التشريعي.
وقال ممثل الاتحاد الأوروبي في فلسطين “سفين كون فون بورغسدورف”: “مصدومون وحزينون لوفاة بنات عقب اعتقاله من قوات الأمن الفلسطينية الليلة الماضية.. تعازينا إلى عائلته وأحبائه ويجب إجراء تحقيق كامل ومستقل وشفاف فورا”.
فيما غردت منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية بالأراضي الفلسطينية لين هاستينغز عبر تويتر “أنباء مقلقة عن مقتل بنات بعد وقت قصير من منزله في الخليل، وألاحظ أنه قد تم الشروع في تحقيق وأدعو السلطات إلى ضمان تقديم المسؤولين بسرعة إلى العدالة”.
بدوره، قال المنسق الخاص للأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط، تور وينسلاند: “مصدوم وحزين لوفاة بنات عقب اعتقاله من قبل قوات الأمن الفلسطيني، وتعازينا الحارة الى عائلته وأحبائه.. أدعو لأجراء تحقيق فوري، ومستقل وشفاف ويجب تقديم الجناة إلى العدالة”.
وكانت أكدت عائلة بنات أن نزار تعرض لعملية اغتيال مُدبّرة نتيجة معارضته النهج السياسي للسلطة الفلسطينية.
وأوضحت أن أكثر من 20 مسلحًا اقتحموا المنزل الذي تواجد فيه بالمنطقة الجنوبية من الخليل، وفجروا مدخله، ثم أحاطوا بنزار وهو نائم وضربوه بهراوة من حديد على رأسه، ثم انهالوا عليه بأعقاب البنادق ورشوه بغاز الفلفل والمسيل للدموع وجردوه من ملابسه ثم سحلوه.