لا تسبوا الرياح - بقلم: حازم ابراهيم
الرياح مخلوق من مخلوقات الله على الأرض لا يُنسب لها فعل ولا تملك شيئا بل هي مُسخرة من الله سبحانه وتعالى يصرفها لمن وحيث شاء ويمنعها عمن يشاء ، وإن من بعض الناس من يغضب عندما يرى الرياح والغبار وربما تطاول فسبها وشتمها وهذا أمر قد نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال : (لا تسُبوا الريح فإذا رأيتم ما تكرهون فقولوا اللهم إنا نسألك من خير هذا الريح وخير ما فيها وخير ما أُمرت به ، ونعوذ بك من شر هذا الريح وشر ما فيها وشر ما أُمرت به ) رواه الترمذي ، فلا يجوز للمسلم أبداً سّب الرياح لأن في ذلك اعتراض وإساءة لأفعال الله ، فعن عائشة رضي الله عنها قالت : كَانَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم إِذا عَصِفَتِ الرِّيح قالَ : (اللَّهُمَّ إِني أَسْأَلُكَ خَيْرَهَا ، وَخَيْرِ مَا فِيهَا ، وخَيْر ما أُرسِلَتْ بِهِ ، وَأَعُوذُ بك مِنْ شَرِّهِا ، وَشَرِّ ما فِيها ، وَشَرِّ ما أُرسِلَت بِهِ ) رواه مسلم ، قالت عائشة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رأى الغيم أو الريح عرف ذلك في وجهه وأنها قالت : يا رسول الله إن الناس إذا رأوا الغيم استبشروا وفرحوا به رجاء أن يكون فيه المطر وأراك إذا رأيته عرفت في وجهك الكراهية فقال صلى الله عليه وسلم : (يا عائشة وما يؤمنني أن يكون فيه عذاب وقد عذب الله قومًا بالريح) رواه البخاري ، فما بالنا يا أمة المسلمين لا يخيفنا ما أخاف رسول الله صلى الله عليه وسلم ، نرى الرياح الشديدة التي تحجب الشمس وتحمل من الأتربة والوباء ما يهلك النبات والزرع والثمار ، ونرى السحب العظيمة الغليظة في السماء تنبعث منها الصواعق والرعد ، ونحن نقرأ في كتاب الله ما عُذب به قوم عاد ، ومع هذا لا ترى عينًا باكية ولا تسمع دعوة مرتفعة من قلب خاشع ، يخوفنا الله بآياته ونحن عنها غافلون ، وكأننا من عذابه وعقوبته آمنون ، ننعم في نِعم الله ليلًا ونهارًا وبيوتنا مملوءة بآلات اللهو والطرب والتلفزيونات والفيس بوك ونحن إليها مطمئنون ، لا نأمر بالمعروف ولا ننهى عن منكر إلا من رحم ربي قال تعالى عز وجل : ﴿ أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتًا وَهُمْ نَائِمُونَ * أَوَ أَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ * أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ ﴾ اخواتي في الله إن المؤمن المسلم الصادق يكون دائمًا خائفًا راجيًا يرجو الله رحمته ولطفه ولا تغيب عنه ذنوبه ، فكلما رأى من آيات الله العظيمة ما يخوف به عباده من ريح شديدة أو مطر شديد أو وقوع كوارث من زلازل وصواعق وكسوف أو خسوف لجأ إلى ربه متضرعًا وفزع إلى الصلاة وناجى ربه سبحانه أن يكشف عن المسلمين الغمة وينصر الأمة ، عكس المنافق فإنه لا يتأثر ويعتقد أن كل شيء يسير على العادة ، ينسبه إلى الطبيعة لغفلته عن الله وبعده عن كتاب الله وسُنة رسوله حتى يأخذه الله على غفلة .