قال جنرال إسرائيلي إن “عرض خارطة الشرق الأوسط، تظهر أن كل ما يحدث فيه تقريبًا مرتبط بإيران، لأنها لم تعد وحدها، فهناك أيضًا سوريا والعراق واليمن ولبنان، وكذلك غزة، ولذلك فنحن ننظر للصورة الكبيرة والدوافع ومراكز القوى التي تحرك هذا المحور”.
وأضاف تال كالمان، قائد جبهة إيران، المعروفة باسم “الدائرة الثالثة” التي أنشئت في حزيران/ يونيو 2020، وهي جناح جديد في استراتيجية الجيش الإسرائيلي، في مقابلة مطولة مع صحيفة “معاريف”، أن “إيران تتخذ إجراءات ميدانية، وهي مستعدة لدفع ثمن باهظ لتحقيق رؤيتها، فنظامها يتسم بالصبر، ولديه نظرة استراتيجية طويلة المدى، لا ينظرون إلى صباح الغد، بل يتطلعون إلى 30-40 عامًا قادمة”.
وأشار إلى أن “المواجهة مع إيران ليست فقط حول القضية النووية، بل للتصدي لخطط المواجهة التي تعدها، ليس فقط على أراضيها، ولكن أيضًا في ساحات أخرى، بعضها لم يكن على خرائط التهديد في الماضي، ولذلك تقوم إيران ببناء قوة بالوكالة هناك بقدرات عسكرية، وتجهيزها بأفضل معدات صناعتها المتطورة للغاية، سعيا منها لإنتاج حلقة تقترب من إسرائيل، في بعض الأماكن لديها القدرة على إعطاء أوامر مباشرة، وفي بعضها الآخر لديها عناصر محلية”.
وأوضح كالمان، القائد السابق في سلاح الجو، أن “تكاثر الفروع الإيرانية يشكل تحديًا أمام الأمن الإسرائيلي في مواجهة العديد من الساحات المحيطة، فالمحور الإيراني آخذ في التوسع، وهي لديها منافسة استراتيجية طويلة الأمد، ربما تكون الأصعب منذ الحرب مع العراق في الثمانينيات، ولذلك فهي تواصل اتباع استراتيجيتها، مما يطرح سؤالا حول بقاء إسرائيل وحدها في هذه المعركة”.
وأكد أن “القضية النووية هي الحدث الأخطر والأكثر أهمية، وتشكل تهديدًا وجوديًا لإسرائيل، لأنها تعني خوض سباق تسلح نووي من شأنه تغيير الشرق الأوسط، وهو منطقة تقاطع رئيسي لطرق النقل والتجارة بين مختلف أنحاء العالم، رغم توفر جملة من التداعيات الاستراتيجية الهائلة لاتفاقيات التطبيع مع الخليج والدول الأخرى، وهناك إمكانية حقيقية لإنتاج محور معتدل في مواجهة المحور الإيراني، مما يتسبب بانزعاج خامنئي، لأن ذلك قد يكبح تطلعاته الإقليمية”.
وزعم أن “الدول التي وقعنا اتفاقيات معها مثل الإمارات والبحرين والسودان والمغرب، هناك أيضًا دول ليس لديها معنا اتفاق رسمي بعد، لكن الديناميكيات تشهد أنه يمكن تحقيق ذلك خلال عامين أو ثلاثة أعوام، والانتقال من العلاقات غير الرسمية إلى الرسمية مثل السعودية وسلطنة عمان، رغم وجود عامل متطرف آخر، وهم الأتراك، الذين يتسببون بأجواء من العداء في حوض البحر المتوسط، وقد يؤثرون على مصالحنا الاقتصادية”.
وأشار إلى أن “إسرائيل تنتمي لنفس القيادة العسكرية الأمريكية في المنطقة، وهي ذاتها تتعاون مع تلك البلدان التي اتفقت معنا، لذلك هناك فرصة هنا لتوسيع التنسيق بيننا، فعلى صعيد مشاركة المعلومات الاستخباراتية، هناك لقاءات وتبادل وجهات النظر، والبحث عن مساحات للتعاون، وأحد المجالات البارزة التي يتم فيها التعاون هو مجال الدفاع، ونحن بصدد تشكيل مجموعات عمل مع الأمريكيين والشركاء الآخرين، وصولا إلى حالة من الدفاع الجوي المشترك”.
وأضاف أنه “ليس دقيقا تعريفها كتحالف، لكننا أمام تعاون، يمنح إسرائيل مزيدا من العمق، يسمح لها بالتحضير بشكل أفضل، والتعامل مع التهديدات بعيدًا عن حدودها، وتكمن الفكرة بإنشاء علاقات تعاون معرفية، ومعلومات تسهل إحضار صورة متكاملة، واتخاذ القرارات وفقًا لذلك، بينما قد يتم إنشاء مقرات الدفاع الجوي في المستقبل يمكنها التحدث مع بعضها، دون الاعتراف أو نفي وجود إمكانية لبيع أنظمة دفاع جوي إسرائيلية للدول العربية “المعتدلة”، كالقبة الحديدية”.
وأكد أن “المعركة ضد إيران قائمة في عدة ساحات أخرى في نفس الوقت، وهذا هو الحدث الصعب، ولهذا السبب يجب أن تأتي هذه القضية في مقدمة الأولويات الإسرائيلية، فقد نجح فيلق القدس في سوريا بتحريك صواريخ إيرانية دقيقة عبر الطريق البري، وهذه الصواريخ على الأراضي السورية موجهة لإسرائيل، هناك أرقام محددة للكميات المتوفرة، لكن لا يمكنني سردها، هذه ليست صواريخ فردية، وهم يحاولون باستمرار نقل المزيد منها”.
وأوضح أن “مشروع الصواريخ الدقيقة لدى حزب الله مزعج للغاية لإسرائيل، فهذه ليست مجرد صواريخ باليستية، بل صواريخ كروز وطائرات بدون طيار، تنتجها الصناعة العسكرية الإيرانية بأعداد تصل إلى الآلاف، وتوزعها في المنطقة، كما بنى حزب الله قدرات إنتاجية مستقلة على مر السنين، ولذلك يمكن القول إن التهديد الصاروخي الدقيق من لبنان هو الأهم بعد إيران في هذا الوقت، ولكن في غضون عام أو عامين، قد تكون هناك أعداد كبيرة جدًا في جميع الساحات”.
وأوضح أنه “يمكنني القول إن هذا المشروع الصاروخي تهديد استراتيجي خطير، والتقدم المستمر فيه يفاقم المعضلة الإسرائيلية، وقد يصل إلى نقطة تقرر فيها أنه لا يمكنها التعايش مع هذا التهديد، بمعنى اندلاع الحرب مع لبنان، الجيش مستعد لها، ونحن نبني الخطط، لكنها لن تكون مثل حرب 2006، صحيح أن إسرائيل ستتلقى أيضًا صواريخ، لكن حزب الله سيتلقى ضربة قاتلة ثمناً لقراره، وستدفع الدولة اللبنانية ثمناً سيؤثر عليها في عقود مقبلة”.
وكشف النقاب أنه “بعيدا عن الخوض في تفاصيل مدى اقترابنا من مثل هذا القرار، فإننا نقوم بتقييم الوضع في الساحات الأخرى أيضا، لأن الفرضية السائدة في إسرائيل أنه إذا خاضت حربا مع لبنان، فلن يكون القتال فقط من هناك، وقد يكون من سوريا أيضا، وربما من إيران وغزة”.