عودة بايدن للاتفاق النووي.. عراقيل جمهورية وتشكيك ديمقراطي
بينما يجري مسؤولون أميركيون محادثات غير مباشرة مع الإيرانيين في فيينا، يناقش مشرعون جمهوريون في الولايات المتحدة استراتيجيات تجعل من الصعب على إدارة الرئيس جو بايدن، العودة إلى الاتفاق النووي، وذلك باستخدام أدوات تشريعية مرتبطة بالعقوبات التي وضعها الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب.
وقالت صحيفة "بوليتيكو" الأميركية، الاثنين، إن كثيرين في الحزب الجمهوري مصممون على خنق أي عودة يقودها بايدن للاتفاق مع إيران، خاصة في ظل غياب اتفاق أكثر شمولا، يعالج دعم طهران للإرهاب وأعمالها الخبيثة الأخرى.
ويتطلع الجمهوريون إلى قانون صدر عام 2015 تحت اسم "قانون مراجعة الاتفاق النووي الإيراني"، للمساعدة في عرقلة أي جهد لإعادة الدخول في الاتفاق النووي في ذلك العام.
وتم تمرير القانون آنذاك لمنح الكونغرس فرصة للتأثير في الصفقة النهائية، وقد يثبت أنه محوري هذه المرة من خلال السماح للمشرعين برفض الجهود الرامية إلى رفع العقوبات التي فرضتها إدارة ترامب رسميا.
ويجادل الجمهوريون بأن العقوبات التي فرضها ترامب، منحت الولايات المتحدة قدرا غير عاد من النفوذ، وأنه ما لم تكن إيران مستعدة للتنازل عن دعمها لوكلائها الإرهابيين في المنطقة، فعلى الولايات المتحدة ألا تعود إلى اتفاق 2015.
ونقلت "بوليتيكو" عن السناتور الجمهوري ماركو روبيو، وهو نائب رئيس لجنة الاستخبارات بمجلس الشيوخ، أن "من المستحيل في هذه المرحلة فصل البرنامج النووي عن جميع الأنشطة الشائنة الأخرى التي تقوم بها إيران".
وكشفت مجموعة من أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين مؤخرا، النقاب عن تشريع يهدف إلى منع بايدن من الانضمام إلى الاتفاق النووي.
وسيضمن مشروع القانون أن أي اتفاق جديد يتوصل إليه الرئيس يأخذ شكل معاهدة، وبالتالي يتطلب موافقة الكونغرس.
وقال روبيو: "إذا لم يفعلوا ذلك كمعاهدة، فهو مجرد اتفاق سياسي مرتبط بالإدارة الحالية، ويمكن تغييره من قبل إدارة مستقبلية".
وقدمت مجموعة من الجمهوريين في مجلس النواب، مشروع قانون مماثلا من شأنه أن يفرض المزيد من العقوبات على النظام الإيراني، ويزيد عرقلة جهود فريق بايدن في المفاوضات الحالية.
ولا يقتصر الرفض على صفوف الجمهوريين، إذ يحذِّر العديد من المشرعين الديمقراطيين من مسار متزايد الوعورة لعودة إيران إلى الامتثال للاتفاق النووي، خاصة بعد أن كشف تسجيل صوتي تم تسريبه مؤخرا لوزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، يعرب خلاله عن أسفه لتأثير الحرس الثوري الإيراني في جهوده الدبلوماسية مع الغرب.
واستنتج بعض المشرعين الأميركيين من تسريبات ظريف، أن المتشددين في إيران يترددون في التعامل مع الولايات المتحدة والدول الغربية الأخرى، مما يشير إلى أن عودة واشنطن وطهران إلى اتفاقية 2015 ستكون مهمة عسيرة.
رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، الديمقراطي بوب مينينديز، الذي عارض اتفاق 2015 مع إيران، قال إن تصريحات ظريف تعقد الصورة بالتأكيد، وتدفع للتساؤل "عما هو الشيء الذي يمكنهم الموافقة عليه وتنفيذه".
ولا يخفى على فريق بايدن مدى صعوبة التواصل مع إيران بعد أن سحب ترامب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الموقع عام 2015 وفرض عقوبات جديدة قاسية على النظام في طهران، ضمن ما يعرف باسم سياسة "الضغط الأقصى".
وقال جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي لبايدن، يوم الأحد، إنه "لا تزال هناك مسافة معقولة يجب قطعها لسد الفجوات المتبقية، وهذه الثغرات تتعلق بالعقوبات التي سوف تتراجع عنها الولايات المتحدة والدول الأخرى" في مقابل فرض قيود على برنامج طهران النووي.
لكن من شبه المؤكد أن العودة إلى الاتفاق ستتطلب من إدارة بايدن رفع بعض العقوبات التي كانت في عهد ترامب، وهو ما قد يحتاج إلى موافقة الكونغرس، بما في ذلك الصقور الديمقراطيين مثل مينينديز.
لكن بعض حلفاء بايدن يرون أن الغموض الحالي، الذي يحيط بأي عودة للاتفاق النووي، ليس خطأ الرئيس، بل أن ترامب هو الذي جعل مهمة بايدن مستحيلة عندما تجاوز مجرد الانسحاب من اتفاق 2015 لفرض عقوبات جديدة تماما لا علاقة لها ببرنامج إيران النووي.
وقال السناتور الديمقراطي عن ولاية فيرجينيا، تيم كين، إن "هناك ضررا أحدثه نهج إدارة ترامب، وهو ما سيجعل هذا الأمر أكثر تعقيدا"، وأضاف أن الصواب "لا تزال محاولة إقناع الإيرانيين مرة أخرى بالاتفاق النووي، ثم تركيز جهودنا على الأنشطة غير النووية".